المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ذهبت إلى المسجد ذات يومٍ لأصلي العصر ثم...


رســـــــال
29-01-2022, 11:10 PM
ذهبت إلى المسجد ذات يومٍ لأصلي العصر ، صليت خلف الإمام وعندما انتهت الصلاة ذهبتُ إلى رُكنٍ في المسجد لأردد أذكار المساء ..
وضعت هاتفي أمامي وأخذت أقرأ منه،، وقعت عيني على طفلٍ في عُمر العشر سنوات، يدخل من باب المسجد ويلتفت يمينًا ويسارًا...
ثم جاء إليّ وقال بصوت يرتعد .. هل جاء الشيخ ؟! - أي شيخ = الشيخ الذي يُحفظ الأطفال لم أكن أعلم أن هناك مُعلم هنا ، فهمست له وأنا أبتسم لأنتزع الخوف الذي يسكن وجهه : لا لم يأت بعد ..
اجلس بجانبي جلس الطفل، وفتح مُصحفهُ وأخذ يُقلب في صفحاته..
فـهمّمتُ لأقول له في أي سورة تحفظ يافتى ؟!فقطع ذلك صوته الذي كان يرتعد من الخوف وهو يقول : يا عمي ، هل لك أن تُقرئني مرة أو أكثر حتىٰ أحفظ السورة جيدًا ، فـوالدي يئس من قله تركيزي وضعف حيلتي ودائمًا يشتكي من ذلك حتى أصبحت أستحي أن أطلب منه أن يُحفظّني القُرآن .
وعندما أذهب إلى شيخي وأخطأ في التلاوة يغضب مني..وأنا لا أُجيد القراءة جيدًا فبعض الكلمات تشُق عليّ ..
ابتسمت للطفل وأخذت منه المصحف وهمست له :اقترب يا حبيب عمك .. وبدأت أُرتل وهو يرتل خلفي ،، وبعد ربع ساعة طلبت منهُ أن يُسَمِع ذلك بمفرده فلم يستطع...
تذكرت شيخي عندما قال لي ذات يومٍ : إذا وجدت صعوبة في الحفظ فـ افهم الآيات أولًا ثم حاول الحفظ ثانية.. فـحفظ الآيات بمثابة قفلٍ لباب ضخم يفصل بينك وبين الجنة حاول فتح هذا القفل بأي مفتاح على قدر استطاعتك.. وسيُفتح الباب نظرت إلى الطفل ثانية..
وهو يضغط على إصبعهِ من الخجل فـتبسمت وهمست له :دعك من الحفظ يا فتى ..
هل تعرف ماذا تعني هذه الآيات وماذا يقصد بها الله ! أخذتُ أشرح للفتى الآيات حتى انتهيت من الشرح ورددت السورة مرتين وهو يردد خلفي ثم طلبت منه أن يقولها بمفردهِ
فقال بعض الآيات وعندما يشق عليه قول آية أو لا يتذكرها يبتسم ويقول لي : هل أخبرك بقصتها؟
وبعد عدة محاولات حفظ الطفل السورة ، حفظها كحفظه لسورة الإخلاص ..
جاء الشيخ وجاء الأطفال فـاستأذن الطفل مني ليذهب إليه ، فـ قلت له يا فتى هل أخبرك بشيء تضعه نصب عينيك!؟..
ابتسم وقال لي أجل .. مسكت يّد الطفل وقبلتها ثم قُلت : سيأتي يومًا يُقال لك : يافلان هلُمَ .. فتذهب ، فـتسمع ضجيج حفظه القرآن ..ويُطلب منك أن تُرتل ، والله وملائكتهُ سيستمعون إليك.. ألا تشتاق لترتل أمام الله ويقول لك رتل سورة كذا!!!..
ثم ربت على كتفه وهمست له بعبارات وددتُ لو قالها أحد لي منذُ الصغر .. - أنت الآن تُعدُ وتُجهز لتُرتل أمام الله فلا تمل ولا تكل ولا تيأس ولا تشتكي من ضعف حيلتك ..فكل عالم تاركٍ للقرآن جاهل..
ستكبر وتكون حاملًا لكتاب الله وستكون مميزًا في الدنيا عندما تكون إمامًا بالناس
يرتعد صوتك خشوعًا أثناء تلاوتك وستجد نفسك في الآخرة مميزًا ومُكرمًا أمام السفرة الكرام البررة وحق القرآن ليكرمنّ الله أهل القرآن ، فـ القرآن كلامه ، و ما أحب الله أحدًا كحبه لأهل القرآن.. وواللهِ لن يُعذّب الله بالنار لسانًا تلا القرآن..
ولا قلبًا وعاه، ولا أذنًا سَمِعته، ولا عينًا نظرت إلى آياته وقبّلت رأسه ثم قلت له :الآن اذهب إلى شيخك ورتل وكأنك تُرتل في ظل عرش الرحمٰن والله يستمع إليك .. أنا أثق أنك تستطيع ...
- ذهب الطفلُ إلى شيخه ، وكنت آراه كل يومٍ وأُحَفِظّه في المسجد حتى يأتي شيخه ، وبعد شهرين ودعتهُ لأني انتقلت إلى سكنٍ آخر ، ولم أره منذ هذا اليوم وعلمتُ بعدها أن شيخه أيضًا انتقل ليُحفظ في مسجدٍ أخر ..
وبعد سبع سنواتٍ خرجت من عملي وركبت السيارة فوقف السائق أمام مسجد..
لنُصلي المغرب دخلت المسجد وذهبت لأصلي حتىٰ رأيت شابًا وجههُ كقطعة من القمر يُردد سَوُّوا صُفُوفَكُمْ, فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاةِ) كانت ملامح الشاب ملامحٌ أعرفها جيدًا لكنني لا أتذكر أين رأيته.. كان صوته كصوت الكروان...
صوتُ يتنفس في صدر يعقوب ليعطيه الأمل ، ويبثُ البشرىٰ في قلب أم موسى بعودة طفلها صوتٌ يبُشر زكريا بيحيى لو كنا خارج الصلاة لطلبتُ منه أن يكثر في التلاوة لأسمعه فتلاوتهِ كانت بمثابة الدواء إلى قلبي ف اكتفيت أن أذكر اسمه في سجودي وقلت : اللهم زدهُ ...
انتهت الصلاة وجلست لأردد أذكار ما بعد الصلاة حتى رأيت الشاب يجلس أمامي ويُقبّل رأسي ويقول :سأشهد لك يوم القيامة أمام الله أنك كُنت سبب ما أنا عليه الآن ..فـهممتُ لأقول له من أنت يا فتىٰ!؟
فقطع ذلك صوته الذي كان يبتسم من شدة الفرحة وهو يقول :
يا عمي ، هل لك أن تُقرئني مرة أو أكثر حتىٰ أحفظ السورة جيدًا ، فـ والدي يئس من قلة تركيزي وضعف حيلتي..
وابتسم وعيناه تذرفان الدمع ، ثم قال : هل تذكرتني الآن ! ثم قام واحتضنني .. وقال:لقد ختمت القُرآن وأخذتُ الإجازة والآن أصبحت أنا المُحفظ ...
صلوا وسلموا على من امرتم بالصلاة والسلام عليه